كل التصريحات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية وعن الاختصاصيين في الأوبئة في أوروبا وأميركا تشير إلى أننا أمام وباء كورونا ممتد وطويل الأمد، وليس مرحلة عابرة تنقضي سريعا، أي أننا أمام وباء سيستمر إلى سنوات طويلة. هذا الأمر يقتضي تغيير الأولويات والإستراتيجيات التي تتبعها الدول، ومنها الأردن، في مواجهة هذه الأزمة الصحية التي ضربت العالم منذ أكثر من سنة وما زالت وأودت بحياة الملايين وأصابت أكثر من 130 مليون إنسان واثرّت على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للناس.
في آخر تصريح له أكد رئيس شركة فايزر أن الذين تلقوا جرعتين من اللقاح سيحتاجون الى جرعة ثالثة بعد 12 شهرا وبعدها بشكل سنوي وفي نفس الوقت يشير اطباء الى ان اللقاح لا يوفر حماية كاملة وانه لا بد للجميع–حتى من تلقى اللقاح–الإستمرار في وسائل الحماية الشخصية من نظافة وارتداء الكمامة في التجمعات والتباعد الاجتماعي وتغيير العادات الاجتماعية وغيرها من اجراءات.
لجأت كل دول العالم، ومنها الأردن، إلى سياسة الإغلاق وفرض حظر التجول الشامل أو الجزئي ومنع التجماعات الكبيرة مثل الأفراح والأتراح وفرض غرامات على المخالفين. هذه الاجراءات كانت–إلى حد ما – ناجحة في تقليل انتشار العدوى وتخفيض الوفيات، ولكن ضررها كان كبيرا على الاقتصاديات الوطنية، وعلى حياة ومعيشة ورزق الناس خاصة الذين يعتاشون من العمل اليومي وادت ايضا الى تزايد في حالات العزلة الاجتماعية والنفسية.
في الأردن ما زال الحظر الجزئي مفروضا وما زالت الاجراءات في اغلاق المحلات والمطاعم والمتنفسات الطبيعية للناس مستمرة.. ولكن إلى متى؟ خاصة اننا نتحدث عن استراتيجية ممتدة الى سنوات طويلة ولا يجب معالجتها بالحلول الآنية. في الأسبوع الاخير انخفضت الوفيات الى 60 وفاة يوميا بعد ان وصلت الى مئة وكذلك الحالات انخفضت من عشرة الآف حالة يوميا الى ثلاثة الآف وهذا ناتج عن زيادة الوعي لدى الناس والتوسع في اعطاء المطاعيم حيث بلغ عدد الذين تلقوا الجرعة الاولى من اللقاح حوالي 600 الف، حتى اصحاب نظرية المؤامرة الذين لم يصدقوا حقيقة الوباء لجأوا الى اخذ اللقاح وهذا مؤشر مهم.
لا يمكن ابدا الإستمرار في حرمان الناس من الحياة الطبيعية والتواصل الاجتماعي وصلة القربى وهذا يتطلب الاسراع في عملية تطعيم اكبر عدد ممكن لتوفير مناعة مجتمعية على امل ان تفتح الحياة الطبيعية للناس مع بداية الصيف القادم. وفي نفس الوقت فالرهان ايضا على وعي المواطن وضرورة التسجيل لاخذ المطعوم والوقاية الصحية والاجتماعية.
عودة الحياة الطبيعية للناس مطلب مهم، ومنها تقليص ساعات الحظر، وخاصة اننا مقبلون على اعياد للمسيحيين وعيد الفطر السعيد، فالناس تعبت اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا وتحتاج الى مساحة من الفرح، ولكن في نفس الوقت يجب المحافظة على صحة المواطنيين وحمايتهم. هذه مهمة مزدوجة بين الحكومة والمواطن يمكن ان تساهم في الحماية وفي نفس الوقت العودة للحياة الطبيعية.
الرأي